ماهية الترميم

ودوره في الحفاظ على التراث

 

إن تاريخ الترميم للمباني سواء كانت: تراثية أو أثرية بدأ مع:

  • الكهنة والرهبان في العصور القديمة والوسطى مرورا بعصر النهضة؛ حيث اهتموا بترميم دور العبادة من (معابد، كنائس، أديرة، أضرحة).
  • وبالتزامن مع اكتشاف الآثار الرومانية والإغريقية، وفي عصر التنوير بدأ الاهتمام بجمع المخطوطات والتحف الفنية.

ويُذكر أن متحف الأميرة البابلية إنيجالدي نانا (Ennigaldi’s museum)، هو:

أول متحف في العالم بُني عام 530 ق.م بالعراق، الذي تم اكتشافه عام 1925، وتوالت الاكتشافات عن المتاحف التي تضم كنوز من مختلف أنحاء العالم.

وفي شأن المتاحف سيكن لنا حديثًا مطوّلا عنها وعن نشأتها وأهميتها وأنظمتها في مقالات لاحقة.

تاريخ الترميم بدأ من مصر

ولكن أشار أ.د/ السيد محمود البنا في كتابه ترميم وصيانة الآثار والمواقع التاريخية في القوانين المصرية وفي المواثيق والمؤتمرات الدولية أن:

أول الأدلة التي عُثر عليها في الحفاظ على الآثار الحجرية وصيانتها عن الاهتمام بهضبة الجيزة وسقارة وعلى وجه الخصوص تمثال أبو الهول بداية من:

  • اكتشاف سور من الطوب اللبن أنشئ في عهد تحتمس الرابع عام 1420 ق.م لحماية تمثال أبو الهول من الرمال.
  • اهتمام ابن رمسيس الثاني مرن خا – إم واست بهضبة الجيزة وسقارة وعلى وجه الخصوص تمثال أبو الهول حيث قام بتكسية بعض المناطق بالتمثال بكتل الحجر الجيري الجيد.

  • في العصر اليوناني الروماني تم تكسية المناطق الضعيفة بالتمثال في عهد أباطرة أنطونيوس (138 – 161م).
  • تكرر ذلك في عهد ماركوس أوريليوس (161 – 180م).
  • في مصر خلال الحملة الفرنسية (1798 – 1801م) عندما قام العلماء المرافقين بالحملة بتنظيف وصيانة مختلف المواقع الأثرية والقيام بتسجيلها وقد شملت تلك المواقع هضبة الجيزة.

تاريخ الترميم والمؤسسات الدولية للحفاظ على التراث

تاريخ الترميم والحفاظ على التراث في إنجلترا

وفيما يخص الاهتمام بالحفاظ على التراث في العالم كان من خلال أول جمعية خيرية تأسست بإنجلترا، وهي:

جمعية حماية المباني القديمة SPAB الإنجليزية، والتي تأسست عام 1877 على يد:

  • مصمم المنسوجات ويليام موريس والمهندس المعماري فيليب ويب مع آخرين.

وهي تُعد من أقدم الجمعيات الخيرية التي تسعى للحفاظ على المباني القديمة من التلف أو الهدم في إنجلترا، سكوتلندا، أيرلندا.

معامل دولية لفحص وصيانة الآثار:

–        1900م تم إنشاء أول معمل متخصص لفحص المواد الأثرية مستخدمًا الأشعة السينية بمتحف برلين.

–        1921م معمل لفحص وصيانة الآثار بالمتحف البريطاني.

–        1930م إنشاء معمل لصيانة الآثار في:

o متحف الفنون الجميلة بمدينة بوسطن الأمريكية.

o متحف اللوفر في فرنسا.

تاريخ الترميم مع المؤتمرات الدولية

أول مبادرة لصيانة الآثار بمدريد

  • فهو أول مؤتمر دولي علمي للمعماريين كان في مدريد عام 1904.
  • أول مؤتمر علمي يهتم بصيانة الآثار.
  • حضور المؤتمر من حصلوا على دبلوم متخصص بالمجال، وهدف المؤتمر على:

ضرورة إنشاء هيئة لصيانة الآثار في كل دولة، حتى يتمكن العلماء المتخصصين بإجراء أعمالهم تحت إشراف فني ومتخصصين أثريين.

مؤتمر أثينا 1930 لحماية الآثار

على الرغم من أن مؤتمر مدريد هو أول مؤتمر للمعماريين، إلا أن مؤتمر أثينا يُعد من أهم المؤتمرات، التي اعتمدت للمهندسين المعماريين والفنيين المتخصصين في المعالم التاريخية، والذي ناقش صيانة الآثار، وقد تم انتهائه باتخاذ سبعة قرارات أهمهم:

1-  إنشاء منظمات دولية متخصصة في الترميم على المستوى الفني والاستشاري.

2-  وضع مشاريع الترميم المقترحة للتقييم المستدام لتجنب الأخطاء التي قد تفقد المباني قيمتها التاريخية طابعها الهيكلي الأساسي.

3-  سن قوانين وتشريعات لكل دولة لحل مشاكل الحفاظ على المواقع التاريخية.

4-  ضرورة إعادة دفن المواقع التي تم حفرها ولن تخضع للترميم الفوري من أجل حمايتها من التلف.

5-  إمكانية استخدام المواد والتقنيات الحديثة خلال عملية الترميم.

6-  ضرورة الاهتمام وحماية المناطق المحيطة بالمواقع التاريخية.

7-  توفير حماية وتأمين حازم للمواقع التاريخية.

كما أوصى المؤتمر بعدة توصيات منها:

ضرورة تشغيل المباني لضمان استدامتها مع ضرورة الحفاظ على طابعها التاريخي والفني، مع تمكين السلطان العامة في كل بلد من اتخاذ الإجراءات التحفظية في حالات الطوارئ، التي تضمن الحفاظ على المواقع التاريخية.

يمكنك الاطلاع على باقي التوصيات والمبادئ من موقع المجلس الدولي للآثار.

توالت بعد ذلك المواثيق والمؤتمرات الدولية التي سنتحدث عنها بالتفصيل من خلال أرشيف الترميم بموقع شركة آرت للمقاولات..

وبعد ذكرنا لبعض من الدلائل العديدة عن نشأة فن وعلم الترميم بمختلف العصور والبلاد، نؤكد على أهمية الإرث، الذي تبقى لنا من الحضارات السابقة هو إرث إنساني لا يخص فرد بعينه، وإنما هو مرتبط ارتباطًا وثيقًا بالبشرية كلها بشكل عام، وبالشعب الذي يعيش على الأرض؛ التي أقيمت عليها تلك الحضارات بشكل خاص.

لذا تهتم شركة آرت للمقاولات ببناء مدونة أرشيفية توضح أهمية الترميم، تهدف من خلالها للتوعية بضرورة الحفاظ على هذا الميراث، الذي تركه الأجداد لنا من حضارة عريقة شهدت على ثقافتها، علمها، وما كان لديها من إبداع سواء كان في:

فن العمارة وما تضمنته من (رسوم، جداريات، قطع فنية) صنعت بدقة وحرفية عالية الجودة دامت لآلاف السنوات.

الفرق بين الترميم، الصيانة، والحفاظ على الأثر

خلال عملية بحث فريق إعداد محتوى آرت للمقاولات عن مفهوم الترميم وجدنا أنه تعددت المصادر في الاتفاق على أنه:

فن وعلم قد ربط البعض هذا المصطلح تاريخيا بمصطلح (Restoration)، والمشتقة من الكلمة اليونانية (Stauro)، مثلما أوضح أ.د/ البنا في كتابه المشار إليه سابقًا، ومعناها في اللغة “بالإصلاح والتدعيم”.

كما أوضح أنه اختلف هذا المفهوم لدى: يوجين ايمانويل فيوليه لو دوك (Eugène Emmanuel Viollet-le-Duc) حيث أنه اعتبر الترميم هو:

  • “تثبيت البناء والوصول به لحالة من الرسوخ والثبات”.

بينما عرّف إبراهيم وشاحي الترميم في كتابه الترميم والتذوق الفني للآثار بأنه: عملية هدفها الحفاظ على الأثر وتهيئته لكي يعيش فترة زمنية طويلة، بهدف الحفاظ على قيمته الثقافية والفنية والبيئية.

مفهوم صيانة الآثار:

وأيضًا طرح إبراهيم وشاحي في كتابه السابق تحليلًا لصيانة حيث أعادها لفعل (يصون) والتي تعني في الإنجليزية (Conserve) والمشتقة من الفعل (Conservar) اللاتيني الأصل والتي تعود للمفردة اللاتينية (Conservatio) والتي معناها الحفاظ والعلاج.

والجدير بالذكر أن الصيانة المقصود بها هو: دعم مستمر ودوري للأثر لإطالة عمره، دون إحداث تلف أو تسبب في تدهوره، وذلك بهدف الحفاظ على الأثر وعدم حدوث تغيير في السمات الشكلية الأصلية.

مفهوم الحفاظ على الآثار:

وقد جاء هذا المصطلح مع:

أولى المبادرات التي سبق وأن ذكرناها أعلاه، عند تحليل هذا المصطلح لقد أوضح وشاحي في الكتاب السابق ذكره أن:

  • (الحفاظ) يدل على المرونة فهي مفردة توقظ الحس الجمعي والمشاركة الإنسانية، ومن هنا استخلص وشاحي تعريف الحفاظ بأنه:

“عملية تجسيد مادي للتراث الروحي والفكري والفني والجمالي، ويعبر عن المسؤولية القومية التي يجب إشراك كل فئات المجتمع فيها، لتنمية الشعور بالانتماء لدى الفرد، وإحياء الجمال الذي افتقدته الإنسانية في ظل غياب الوعي، وعدم الاهتمام بالقيم الجمالية والتذوق الفني”.

إن حديثنا عن الترميم يطول، وكلما نقبنا عن المصطلحات والمفاهيم وتفاصيل النشأة اكتشفنا الكثير من الكنوز؛ التي لا يعرفها الكثير من العامة، وربما غفل عنها بعض دارسي المجال، لذا نهدف بمنشوراتنا أن:

  • نبث الوعي في عقول الجميع بأهمية الترميم لكل ما ينتمي لتاريخنا.
  • تجنب الوقوع في فخ تشويه ما نملكه من حضارة.
  • عدم السماح بسرقة ما صنعه القدماء من كنوز ثمينة لا تقدر بثمن.

من خلال تأمل التاريخ قد نكتشف ما بداخلنا من جواهر الموهبة؛ التي ورثناها عن أجدادنا القدامى.

error: Content is protected !!